طرفة نادرة: ====== أبا الفوايد وقاضي ومهتمي قعود: =================== وجد الشاعر/ سالم ابا الفوايد الجحشي العلوي الحربي، المتوفي رحمه الله سنة 1385 هـ، وجد في سنة 1382هـ، الموافق 1962 م، على قرو عرعر قعوداً عليه وسم الدهيم من بني علي، فذهب إليه سالم وعقله بحديدٍ كان يقيد به ذلوله، أو يعقلها به، لأن له حلق، وقفلٌ، لا يمكن حله، إلا بفتح القفل، بمفتاحه، ومثله مثل حديد قيد الفرس، الذي لها قفلٌ لا يمكن فكه من يدي الفرس إلا بواسطته، حفظاً لها من الحنشل (الحوّاف )، ثم ذهب إلى شرطة عرعر، واشتكى إليهم أنه وجد قعوداً عليه وسم إحدى بدائد قومه، ضمن إبلٍ ليس وسمها وسمه، ومن حقه أن يقول لصاحب الإبل: هذا القعود عرف، ليقول له صاحب الإبل: وهو كذلك، ولكن صاحب الإبل، قال له: لا، غلطان، القعود قعودنا، والوسم وسم شخصٍ من أسرتنا، غير وسمه عن وسم الأسرة الجديّ، والوسوم تشابه0 فاحضرت الشرطة راعي الإبل، واستجوبته عن سبب وجود ذلك القعود مع إبله، وهو ليس له ؟ ولا يشابه وسمُهُ وسمَ إبلِهِ ؟ " فقال صاحب الإبل: {{ القعود لي، وولد ناقتي، بأولاد الحلال، مولّده، ومتلّده }}، فكتبوا الشرطة أدعاءاتهما وحولوهما إلى القاضي، فلما سأل القاضي أبا الفوايد، قائلاً: " وش عندك يا الحربي ؟ " ( أي: ما هي دعواك وحجتك التي تحتج بها ؟ )، وكان ابا الفوايد قد سمع حجة صاحب الإبل، وما فيها من جناس لفظي، وهو " القعود قعودي، وولد ناقتي، مولّده، ومتلّده " احتج بحجةٍ على صورة جناسٍ لفظي، وهي جمل مركبة من ألفاظ تتشابه في اللفظ وتختلف في المعنى، فلم يكن ذلك معجزاً ولا مكلفاً له، لأنه شاعر ومطبوعٌ على صياغة العبارات، والهدف من ذلك، التعريض للقاضي بأن هذا الرجل، ليس سعودي، بل هو رجلٌ عراقي، وخليق بأن يطمع بما يجد، لأنه ذاهباً الآن إلى العراق، وأنت تعلم ما بين رئيس العراق، وبين دول الخليج، من معاداة طمع، فهذا الرجل حرياً بالطمع كرئيسه، ولكن لو إنني صرحت لك بكل ما في نفسي، لسخر مني، هو وغيره، فربما لا ينطبق على هذا الشخص بذاته، ما يمكن أن ينطبق على غيره، فأكون آثماً بحقه، فاللبيب بالاشارة يفهم، وذلك معنى قول أبا الفوايد: أنا أقول: {{ أنا سعودي وبحدودي، وعندي شهودي، وعاقلاً قعودي، ما جيت من كريم قاسم(1)، وأخاصم قاطعاً الحدود، ولا لي قعود، ولا عندي شهود }} 0 فحكم له القاضي بأخذ القعود، وذهب يسأل ممن الدهيم قد ضاع له قعود؟ حتى قابل راعيه، وأعطاه إياه 0 والجدير بأبا الفوايد إنه ذكي، ومطبوعٌ على معرفة توظيف المفردات، وملمٌ بالعادات، وأقوال السلف، وشاعرٌ لا تفوته الإجابة المناسبة، كما أسلفنا في عباراته السابقة، التي شفعت له عند القاضي، فالشاعر سالم ملماً بتوظيف مثل هذه العبارات السجعية، الرنّانة، التي تكسب الكلام قوةً في المعنى، وحلاوةً موسيقية، في نظم الألفاظ، معتاداً عليها، فضلاً عن كونه يعلم من أين تؤكل الكتف، فلا تخفى عليه الحجة المناسبة، لمعنى حجة خصمه، لتكون واقعةً موقع القضية المسلم بها، وله فهذا المجال مواقف لا يتسع المجال لذكرها 0 ================================== الحاشية: ==== 1- كريم قاسم: هو عبد الكريم قاسم، حاكم العراق من 1958م، الموافق 1377 هـ، حتى 1963م، الموافق 1383هـ 0 ضابط عراقيّّ، قاد ثورة تموز سنة 1958م، الموافق 1377 هـ، واطاح بالملكيّة 0 قضى عليه عبد السلام عارف، في انقلاب عسكري سنة 1963م، 1383 هـ 0